واكب جمهور أيام قرطاج السينمائية بأعداد غفيرة فيلما من دولة الموزمبيق بعنوان « قطار الملح والسكر »، وهو شريط روائي طويل مدّته 93 دقيقة، أخرجه « ليسينيو أزيفيدو »، وهو صانع أفلام برازيلي وكاتب مستقر في الموزمبيق.
تدور أحداث هذا الفيلم الذي يشارك في الدورة الثامنة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية ضمن قسم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، على متن قطار انطلقت رحلته من الأراضي الموزمبيقية نحو دولة مالاوي لتبادل أكياس قليلة من الملح والسكر. وأثناء مروره بالأحراش يتعرّض القطار إلى إطلاق نار من قبل مسلحين متمرّدين وإلى عقبات كبيرة، كما يتعرّض ركابه إلى مضايقات من قبل جنود غير منضبطين كان يفترض بهم حماية المسافرين في الرحلة.
شريط « قطار الملح والسكر » الذي انطلق فيه صاحبه من قصّة واقعية حدثت في الموزمبيق سنة 1989، حاول من خلاله التطرّق إلى الأوضاع الإنسانية المتدهورة في هذا البلد الذي مزّقته الحرب الأهلية لسنوات، ومشاهد الدمار التي لحقت بهذا البلد.
وأبرز المخرج تردّي الأوضاع الإنسانية بهذا البلد خلال تلك الفترة من خلال حالات الاغتصاب التي طالت النساء والعنف الجنسي والعمل القسري وتشغيل الأطفال وانتشار المجاعة. لكنه في المقابل، جعل القطار رمزا للأمل والحياة من خلال مشاهد رائعة لسحر الطبيعة ومشهد ولادة إحدى المسافرات بالإضافة إلى روح الوطنية العالية للجنود والتضحية في سبيل الوطن.
وليست هذه الأحداث التي يُبرزها شريط « قطار الملح والسكر » مرآة لدولة الموزمبيق فحسب، بل تعكس أيضا مظاهر الحياة في الدول الإفريقية عموما وما شهدته من حروب أهلية ونزاعات مسلحة مخلّفة كوارث إنسانية وأوضاع اقتصادية واجتماعية متدهورة.
واختتم المخرج فيلمه بمشهد سكك متفرّعة لما تحمله من دلالات عن الاختلاف والتنوع والتي كان قد ترجمها في لحمة فريق قيادة القطار الذين يحملون معتقدات مختلفة وهم مسلم ومسيحي وقائد يؤمن بوجود أرواح خيّرة تدفع عنه الشر وتمنع الكوارث التي يمكن أن تصيب الإنسان.