البث الحي

الاخبار : ثقافة

theatre_news

« ماما ميّا » مسرحية كوميديا سوداء تنتقد الواقع الاجتماعي التونسي

امرأة في عقدها الخامس « تزمجر » وتشكو واقعا قاسيا بالنسبة إليها، تطلق شكواها من المقاعد الخلفية لقاعة العرض وهي تسير برفق متجهة صوب الركح، وتحمل بيديْها سلّة تكدّست بها مجموعة من الملابس. هيّ الأم « أحلام » التي تقمّص دورها الممثل جلال الدين السعدي، وهو أيضا مخرج ومؤلّف هذا العمل المسرحي « ماما ميا »، ويرافقه على الركح الممثل الشاب شكيب الغانمي في دور الابن « نضال ». وتمّ تقديم العرض الأول لـ « ماما ميّا » مساء السبت  بالمسرح البلدي بالعاصمة، بعد أن اكتشفه جمهور مهرجان نابل الدولي في عرضه ما قبل الأول يوم 27 جويلية الماضي.
يدوم العرض ساعتين إلا ربع، سلطت خلالها الشخصيتان الضوء على مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وقد تم تناولها بأسلوب هزلي ساخر انبنى على جملة من المفارقات بين الظاهر والباطن.
وتجلّت أولى هذه المفارقات في الاسم الذي أطلقه مؤلف النص على الشخصيّتين، فـ « أحلام » بما هو اسم يحيل على الحلم والطموح والتخطيط للمستقبل، بدت في هذا العمل، منهكة من شدة التعب وشاءت الأقدار أن تعيش في بيئة اجتماعية قاسية بعد وفاة زوجها فتترك عملها وتتفرّغ لتربية ابنها نضال على حساب تحقيق طموحاتها. أمّا شخصية « نضال » التي من المفترض أن تكون رمزا للعمل والتضحية، فقد غلب عليها الكسل والتقاعس والتثاقل والخمول بدل أن يكون ساعدا للأم.
تبرز أحداث المسرحية نمطين مختلفين للحياة بين جيلين: جيل الأم وجيل الابن ونظرة كليهما للأشياء نفسها بأسلوب مغاير للآخر. فجيل الأم يحمّل الشباب مسؤوليته في التراخي والتكاسل في البحث عن العمل، بينما يحمّل الشباب الدولة مسؤولية تفشي البطالة. هذه المفارقات بين الأم والابن في نظرة كليهما للأشياء برزت في عديد المشاهد من المسرحية، على غرار نظرة كل منهما للمرأة وللدين وللإعلام وللسياسة، لتبرز محدودية الوعي لدى الشباب في تقييم المسائل.
وتحمّل المسرحية جزءًا كبيرا من المسؤولية للدولة في تفشي مظاهر الانحلال الأخلاقي والعنف والتشدد الديني داخل المجتمع التونسي. كما عرّج صاحب العمل من خلال أحداث هذه المسرحية على وسائل الإعلام المحلية، مبرزا حيادها عن دورها التربوي والإخباري، وتعويض هذا الدور بالبحث عن الإثارة ونقل العنف، مما جعل مضمونها تطغى عليه ثقافة « الضوضاء » فيغيب حق المواطن في المعلومة.
وتناولت المسرحية أيضا تفشي ظاهرة الهجرة السرية لدى الشباب بشكل مكثف، وقد صوّر الممثل شكيب الغانمي هول المشهد والفاجعة في البحر، كهيجان البحر ونفاذ وقود المحرك والمؤونة.
ولم تخلُ هذه المسرحية من التضمينات السياسية، إذ قدّمت صورة ناقدة للطبقة السياسية في تونس دون أن يحمل هذا النقد ضغينة لطرف سياسي محدّد.
مصطلح « ماما ميّا » الذي اختاره المؤلف والمخرج جلال الدين السعدي عنوانًا لعمله، كان وفيّا إلى حدّ  كبير لمعنى هذا المصطلح الإيطالي الذي يُردّده بعض الشباب المغاربي للتعجب والاستغراب من موقف معيّن. وفي هذا العمل يثير العنوان الاستغراب من تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد وما يقابلها من غياب حلول جذرية لمجابهة مختلف الأزمات.

بقية الأخبار

برامج وخدمات

tmp111

tmp222

meteo-

maritime

تابعونا على الفايسبوك

spotify-podcast-widget1

مدونة-سلوك

الميثاق

الميثاق-التحريري