البث الحي

الاخبار : ثقافة

theatre_news

مسرحية ذاكرة: حقوق المظلومين لا تسقط بالتقادم

احتضن فضاء مسرح المبدعين الشبان بمدينة الثقافة امس الثلاثاء مسرحية « ذاكرة » التي كتبت نصها الممثلة صباح بوزويتة عن اقتباس لنص « العذراء والموت » للكاتب الشيلي أرييل دورفمان وأخرجها سليم الصنهاجي. وهو عمل يندرج ضمن فعاليات الدورة 22 لأيام قرطاج المسرحية، لكنه خارج المسابقة.
وأدى أدوار هذه المسرحية باقتدار الكبير المبدعة صباح بوزويتة (في دور كنزة) ورضا بوقديدة (الطبيب) وعبد القادر بن سعيد الذي تألق في تقمص شخصية الزوج (مرتضى) في تعويض مؤقت للممثل علاء الدين أيوب الذي تغيب بسبب المرض.
منذ البداية يضع المخرج سليم الصنهاجي الجمهور في حيرة ورغبة في اكتشاف الشخصيتين الرئيسيتين : رجل وامرأة يدخلان مكانا ما يحمل كل منهما حقيبة، الرجل يتحسس جسمه، يحاول أن يتخلص مما علق بثيابه. المرأة تنهش لحمها نهشا، تبحث بدورها عن شيء ما في حقيبتها وتنفض أيضا عن جسمها ما علق بها. تتعالى موسيقى الكمان تتسارع مع تسارع حركة الممثلين وتغير نفسياتهم بسبب خطب ما.
هما زوجان تتشابه عندهما الأزمنة والأمكنة، بل حتى الأسماء قد تختلف، فقد تكون هي كنزة أو كلثوم وقد يكون اسمه مرتضى أو الطرودي.
وينطلق المخرج من وضع خاص بهاتين الشخصيتين، ليتوسع إلى وضع أشمل يتعلق بالوطن وبمدى احترام ما جاء في الدستور في الباب الخاص بالحقوق والحريات.
العمل يطرح بقوة مسألة العدالة الانتقالية انطلاقا مما عاشته البطلة من ظلم وتعذيب والتأثيرات النفسية والجسدية عليها نتيجة الاغتصاب الذي تعرضت له من طبيب بقبو وزارة الداخلية حين تم إيقافها والتحقيق معها عند البحث عن زوجها المحامي الذي كان معارضا شرسا للنظام.
الضحية كادت تفقد صوابها، ودخلت مستشفى الأمراض العقلية، لا فقط نتيجة ما تعرضت له بل كذلك نتيجة خذلانها من قبل زوجها الذي « لا يرى فائدة في فتح الجروح القديمة » خاصة في ظل غياب شهود عن الحادثة بل يطلب من زوجته نسيان ما حصل وترك الأمر للقضاء.
لكن الزوجة التي تعلم جيدا أن زوجها أصبح مهادنا للسلطة، ولا يرغب في معاداتها تتمسك بحقها بشدة إذ تقول « سامحت لكنني لم أنس…يلزمني اعتراف في حجم ما عشته »، هذا الاعتراف الذي يتأخر كثيرا نتيجة إنكار المجرم (الطبيب) لأفعاله المخالفة للقوانين والفاقدة للإنسانية، وهو المؤتمن، من المفروض، على حماية صحة الموقوفين وضمان إجراء التحقيق في كنف الاحترام للقوانين وللحرمة الجسدية.
وتبدع صباح بوزويتة في تقمص شخصية هذه الضحية، فكانت تستحضر ما حصل، بكلمات كالخنجر تخرجها من صدرها لتشفى مما هي عليه، وتذكر به المجرم (الطبيب) الذي أنكر معرفته بها، وكانت تذرع المكان جيئة وذهابا في حركة تربك المجرم والزوج الذي أصبح، من المفارقات، بعد الثورة عضوا في هيئة المصالحة.
العمل ينقد بشكل جلي ممارسات الأمن مع المعارضين للسلطة في السابق كما ينقد ما حصل في الهيئة المكلفة بمسألة العدالة الانتقالية، ويعيد على السطح مجددا ما عاشه التونسيون من حيثيات تتعلق « بجبر الضرر والتطمينات والتعويضات » كما يندد بما حصل في هذا السياق من توافقات ومن « تلاعب بالملفات » تقول البطلة « فوق الطاولة وتحت الطاولة…بحجة الحوار ».
تساؤلات عديدة تطرحها صباح بوزويتة وسليم الصنهاجي من خلال هذا العمل : من ضحية من؟ وما معنى ضحية، وكيف يمكن جبر الضرر؟ ثم من يحمي المجرمين الذين مازالوا طلقاء إلى اليوم؟ وكيف يمكن الحديث عن عدالة انتقالية في ظل توافقات سرية وعدم اعتراف بالجرم؟ فقبل المصالحة لا بد من فتح كل الملفات ورد الاعتبار للمظلومين، إذ أن حقوقهم لا تسقط بالتقادم…إنها ذاكرة تأبى النسيان.

بقية الأخبار

برامج وخدمات

tmp111

tmp222

meteo-

maritime

تابعونا على الفايسبوك

spotify-podcast-widget1

مدونة-سلوك

الميثاق

الميثاق-التحريري