تمّ تدشين « مكتب أوروبا المبدعة بتونس » رسميّا، اليوم الخميس في ندوة صحفية عُقدت بمقر وزارة الشؤون الثقافية، بإشراف وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وسفير الاتحاد الأوروبي بتونس « باتريس برغاميني ».
وعبّر وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين عن اعتزاز تونس باختيار الاتحاد الأوروبي لها كبلد وحيد في إفريقيا والعالم العربي للانتفاع ببرنامج « أوروبا المبدعة » مضيفا أن هذا البرنامج سيمكن الفنانين والمبدعين التونسيين من المشاركة في الفضاء الثقافي الأورو-متوسطي.
وأكد محمد زين العابدين على دعم الاتحاد الأوروبي لتونس في مرحلة الانتقال الديمقراطي، من خلال دعم العمل الثقافي والفني وانخراطه في دعم جهود وزارة الشؤون الثقافية في إرساء اللامركزية الثقافية من أجل ثقافة للجميع في كل مكان.
وعبّر سفير الاتحاد الأوروبي بتونس « باتريس برغاميني » عن ثقة الاتحاد الأوروبي في نجاح المسار الديمقراطي بتونس رغم تصنيف الاتحاد الأوروبي لتونس في القائمة السوداء للبلدان أكثر عرضة لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
واعتبر « برغاميني » أن عضويّة تونس في برنامج « أوروبا المبدعة » يؤكد ثراء المشهد الثقافي التونسي وتعطّشه للثقافة والإبداع. وقال إن « انضمام تونس إلى هذا البرنامج سيمكن من تدعيم الإبداعات التونسية في المجال الثقافي لدول شمال البحر الأبيض المتوسط، واستقطاب الأوروبيين نحو تونس وفق منطق التوريد والتصدير للإبداعات الثقافية بين الضفتين ».
وسيتولى هذا المكتب، بحسب المنسق الوطني لبرنامج دعم قطاع الثقافة بتونس، بلال عبودي، الاضطلاع بمهمة الترويج للبرنامج، والإحاطة بالمشاركات التونسية بما فيها تنظيم دورات تكوينية لفائدة الجمعيات الثقافية وتعزيز ربطها مع الجمعيات الأوروبية.
ومن أبرز سمات هذا المشروع، « عدم التدخل المباشر للدولة، إذ يقتصر دور سلطة الإشراف على الإحاطة والمتابعة وربط الصلة ودعم الجمعيات الثقافية للنفاذ إلى المشاريع الدولية وإلى السوق الثقافية الأوروبية » وفق المصدر ذاته.
وتحدّث رئيس « مكتب أوروبا المبدعة بتونس » يوسف الأشخم عن تخصيص مقرّين للمكتب بكلّ من وزارة الشؤون الثقافية وكذلك بمدينة الثقافة، مضيفا أن الوزارة ستموّل أعمال المكتب بالنسبة إلى السنة الحالية، ثم سيقوم الاتحاد الأوروبي والدولة التونسية بتمويله معا خلال السنة القادمة (2019).
وأعلن المكلّف بالاتصال بـ « مكتب أوروبا المبدعة بتونس » رياض أم هاني، عن تنظيم حملات إعلامية وتحسيسية بالجهات، في موفى شهر فيفري الحالي، حول دور هذا المكتب وأهدافه. وستشمل هذه الحملات في مرحلة أولى ولايات قفصة والكاف والقيروان وقابس.
ويندرج بعث « مكتب أوروبا المبدعة بتونس » ضمن برنامج « أوروبا المبدعة » الذي خصص له الاتحاد الأوروبي مبلغ 1,46 مليار أورو خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2020
ويجسد فتح هذا المكتب انخراط تونس (من 2017 إلى 2020) في هذا البرنامج الأوروبي الذي يوفر للمبدعين التونسيين إمكانية التحرك بحرية بين تونس والفضاء الأورومتوسطي، والحصول على المنح والامتيازات التي يوفرها هذا البرنامج لغيرهم من المبدعين الأوروبيين. إذ ستسمح للفاعلين الثقافيين التونسيين وخاصة الجمعيات، من المشاركة في البرامج الفرعية المحددة بها، بالشروط نفسها المطبقة على الفاعلين الثقافيين في دول الاتحاد الأوروبي، والمتمثلة بالخصوص في تدعيم قدرات القطاعات الثقافية والإبداعية والحركية الثقافية والتنقل بين الدول، وتعزيز التعاون بين البلدان في مجال السياسات الثقافية وفي أنشطة التكوين والفعاليات التجارية والمهرجانات والأنشطة التعليمية المتصلة بقطاع السمعي البصري.
للتذكير فقد تمت المصادقة من قبل مجلس نواب الشعب يوم 27 جويلية الماضي على مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على الاتفاقية المبرمة في 11 ماي 2017 بين الجمهورية التونسية والاتحاد الأوروبي حول مشاركة الجمهورية التونسية في برنامج الاتحاد الأوروبي « برنامج أوروبا المبدعة لدعم القطاعات الثقافية والإبداعية « وحول التعاون بين الجمهورية التونسية والاتحاد الأوروبي في البرنامج الفرعي لميديا « MEDIA  » ببرنامج « أوروبا المبدعة ».
وتحصلت تونس، بمقتضى هذا الانضمام، على ميزة تفاضلية، تمثلت في دفع معلوم انخراط رمزي يقدّر بـ 1 أورو (أورو واحد) عوضا عن مبلغ يناهز الـ 250 ألف أورو تدفعه كل دولة من الدول المنخرطة في برنامج أوروبا المبدعة، علما أن تونس البلد العربي والمغاربي والإفريقي الوحيد الذي ينضم إلى برنامج مخصص أساسا للدول الأعضاء بالإتحاد الأوروبي، ويعود ذلك لانتهاجها مسارا ديمقراطيا، مما لفتت إليها أنظار أوروبا والعالم بحسب وزير الشؤون الثقافية.
ويترجم برنامج « تونس- أوروبا المبدعة »، وفق الوزير العلاقة الاستراتيجية بين تونس والاتحاد الأوروبي، وتفعيلا ملموسا لتعهدات المفوضية الأوروبية فيما يتعلق بالرفع من مستوى التعاون الثقافي مع تونس وبدعم مساهمة قطاع الثقافة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس ».