مهرجان قرطاج 2025: محطة فنية تُعيد للثقافة دورها وتضع المسرح الأثري في قلب الحياة
وسط حضور صحفي مكثف، تم الإعلان مساء الخميس 10 جويلية 2025 عن البرمجة الرسمية لمهرجان قرطاج الدولي في دورته التاسعة والخمسين.
وتنطلق سهرات هذه الدورة يوم 19 جويلية لتتواصل إلى 21 أوت 2025، تحت شعار "قرط حدشت"، أي "المدينة الجديدة"، دورة تعكس رغبة واضحة في التجديد، دون الابتعاد عن خصوصية قرطاج كموقع عريق يوازن الفن بين عمقه التونسي والانفتاح الدولي.
وأكّدت المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية هند المقراني أن الاستعدادات انطلقت منذ شهر جانفي 2025، وأوضحت أن البرمجة هذا العام صيغت بمنطق متوازن يجمع بين الفنان التونسي والنجوم العرب والعالميين.
21 سهرة... من قرطاج إلى العالم
يتوزع برنامج الدورة على 21 سهرة، تشمل8 عروض تونسية وهي: رياض الفهري (Tapis Rouge 2)، وكريم الثليبي (تخيل 2)، وصوفية صادق، ونجاة عطية، ولطيفة العرفاوي إلى جانب "السهرة التونسية" بقيادة يوسف بالهاني، وهي سهرة بمشاركة مجموعة من الفنانين التونسيين منهم نوال غشام، وشكري بوزيان، وزهرة لجنف، ومحسن الرايس وابنته وأصوات تونسية شابة.
كما يشمل البرنامج 9 عروض عربية وهي: محمد عساف (من أجل غزة)، ونانسي عجرم، ونجوى كرم (بعد غياب طويل)، ومي فاروق (سيرة أم كلثوم)، وآدم، وفنانين من لبنان وفلسطين.
أما العروض العالمية فتشمل 3 سهرات وهي : Saint Levant ، KY-MANI Marley، وسهرة فولكلور عالمي.
حفل الافتتاح... من قاع الخابية إلى ركح قرطاج
ويفتتح مهرجان قرطاج الدولي بعمل تونسي يحمل عنوان "من قاع الخابية"، من توقيع الموسيقار محمد القرفي الذي أكد في كلمته إثر الندوة الندوة الصحفية أن عنوان العرض فيه دعوة للغوص في عمق الموروث، واستخراج ما يصلح للغد، على حد تعبير القرفي.
أما السهرة الختامية فستكون مع الفنانة الإماراتية أحلام، في عرض يُتوقع أن يشهد إقبالًا جماهيريًا كبيرًا.
"قرط حدشت": بين الرمز والتجديد
الشعار الجديد للدورة، "قرط حدشت"، صمّمه الخطاط التونسي عمر الجمني، والهدف منه تقديم قرطاج بشكل جديد، يربط بين تاريخ المدينة وثقافتها المعاصرة، دون أن يفقد المسرح الأثري خصوصيته.
إلغاء حفل هيلين غاراس وفلسطين في قلب المهرجان..
خصصت الدورة عرضًا للفنان الفلسطيني محمد عساف بعنوان "من أجل غزة"، كما أعلنت إدارة المهرجان عن إلغاء حفل الفنانة الفرنسية هيلين سيغارا الذي كان مبرمجًا ليوم 31 جويلية، بعد الجدل حول ما راج عن موقفها الداعم للاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
وأكدت هند المقراني المديرة العامة لمؤسسة تنمية المهرجانات المؤسسة المشرفة على تمويل الدورة أن البطاقة التقنية لحفل سيغارا كان على مكتبها ولم يتم التعاقد مع مسؤولي الحفل.
القرار تفاعل معه الجمهور على وسائل التواصل، واعتُبر منسجمًا مع الموقف الشعبي التونسي الرافض للتطبيع.
إدارة دون مدير عام وميزانية محترمة
وأكدت هند المقراني أن مهرجان قرطاج الدولي يدار بفريق مشترك، دون مدير عام، وهو تقريبا نفس الفريق الذي أشرف على الدورات السابقة.
وتقدر ميزانية هذه الدورة بـ8 ملايين دينار، منها 3 ملايين دعم من الدولة، والباقي من الموارد الذاتية كبيع التذاكر والشراكات.
ورغم الجدل الذي سبق الإعلان عن بعض العروض، حافظت الإدارة على منهج التوضيح والتفاعل، مؤكدة أن كل سهرة خضعت لتقييم دقيق، الهدف منه ليس الترفيه فقط، بل تقديم محتوى يحترم الجمهور ويعبّر عن موقع قرطاج كمنصة فنية لها مكانتها.
فقرطاج 2025 ليست مجرد مهرجان.. بل محطة فنية تُعيد للثقافة دورها، وتضع المسرح الأثري في قلب الحياة التونسية من جديد.
ضياء الدين الكريفي